الأثنين 12 ذو القعدة 1445هـ 20-5-2024م 08:07

تاريخ المدينة

تــقــديــم

وادي زم مدينة الشهداء، مدينة عرفت بنضالها التاريخي ضد الاستعمار الفرنسي؛ نضال جعل من اسمها موطنا للشهداء ومنبعا للمقاومين الأبرار.

قدمت أرواح رجالها ونسائها وفاءا لأرض الوطن الغالي وتشبثا بالملك الشرعي للبلاد، جاعلة من الحرية هدفا ومن الكرامة والعزيمة عتادا للنضال والجهاد.

تعتبر مدينة وادي زم في الأصل قصبة من القصبات التي شيدت في عهد المولى إسماعيل ، وحسب الروايات المتداولة قديما وحديثا من طرف مختلف الباحثين فإن اسم المدينة اشتق من الأمازيغية باعتبار أن

لفظ كلمة إزم تعني السبع بالبربرية .

كما أن بعض المصادر للسيد أحمد الناصري تشير أن السلطان المولى عبد الله زار وادي زم بعد وفاة المولى إسماعيل.

 

الموقع

تقع المدينة  وسط المغرب بمنطقة الشاوية ورديغة في منخفض على شكل وادي ، وجل أراضيها صلبة جدا وهو ما يسمى عند أهل المدينة بالمكرط، بينما توجد الأراضي الخصبة وذات التربة الجيدة في قبائل

السماعلة وبني خيران، ولذلك ركزت سلطات الاستعمار الفرنسي على هاته الأراضي وأنشأت بها ضيعات للمعمرين.  

فحينما توغلت قوات الاحتلال الفرنسية بمنطقة الشاوية ورديغة سنة 1907 اتجهت صوب مدينة وادي زم لتحتلها سنة 1912 .

وقد برر رئيس التجريدة العسكرية آنذاك الضابط كايدون دوديفس عن اختيار القوات الفرنسية مدينة وادي زم مقرا لثكنتها العسكرية باعتبارها نقطة ماء حية من جهة وموقعها الجغرافي ساعد القوات الفرنسية على التوغل في اتجاه الأطلس المتوسط للقضاء على المقاومة الزيانية بقيادة موحا اوحمو الزياني من جهة أخرى .

يعتبر الجنرال ليوطي المهندس الحقيقي الذي وضع التصميم الهندسي للمدينة ، فأثناء زيارته إلى مدينة وادي زم في دجنبر 1920 حدد مواقع الشرطة – الملحقات الإدارية- الكنيسة- المدارس- البلدية – الفنادق والمكتب التجاري.

  وهنا بدأت تتشكل معالم المدينة الحديثة لتكون مدينة مغربية بملامح أوربية.

وعلى المستوى الديمغرافي كان عدد سكان المدينة سنة 1921 ( 2221 ) نسمة ومنذ ذلك الحين وعدد السكان في تزايد ليصل حاليا إلى حوالي 100 ألف نسمة

 

         مرحلة الكفاح الوطني

لقد بدأ المسار الحقيقي لتحقيق الاستقلال منذ مبايعة السلطان محمد بن يوسف عام 1927 بعدما راهنت سلطات الحماية عليه كشاب عديم التجربة ودون أفق ليقدره الله لهذه البلاد فيكون قائدها وبطلها

ومنقذها لتنطلق بقيادته مراحل الكفاح الوطني ضد الاستعمار الفرنسي.

ومنذ انتهاء الحرب العالمية الثانية والمغاربة يتطلعون إلى الاستفادة من مشاركتهم بجانب الحلفاء دفاعا عن الحرية والديمقراطية فجاء لقاء أنفا الشهير في 13يناير 1943 ليمكنهم من تحقيق ذلك’وكدا

للإعلان عن مطلب استقلال المغرب  الدي نال تاييد دول الحلفاء.

وخلال هذه المرحلة مع التحولات التي عرفتها حركات التحرير في العالم الثالث ، شكلت وثيقة المطالبة بالاستقلال حدثا تاريخيا سيظل راسخا في أذهان الأجيال التي قضت نحبها والأجيال الحالية والمتعاقبة.

 

  

 

 باعتبارها العبوة الناسفة الموجهة إلى السلطات الفرنسية من طرف السلطان سيدي محمد بن يوسف طيب الله ثراه وشعبه الوفي

وبرفض السلطان التوقيع على الظهائر التي كانت الحماية تريد تمريرها فيما يتعلق ببرنامجها الإصلاحي الهادف إلى قطع الطريق عن تطلعات السلطان وأهداف الحركة الوطنية ، اشتد الصراع بين الاقامة العامة

والقصر الملكي ورجال الحركة الوطنية وفي 13 غشت 1953 طوقت قوات الاحتلال القصر الملكي فيما كان اختيار ابن عرفة بديل له  من السلطات الفرنسية في 17 غشت 1953

 

 

  20 غشت 1955

شكلت عملية نفي ملك البلاد في 20 غشت 1953  الشرارة القوية التي أدت بالعودة إلى المقاومة المسلحة لتحرير البلاد وانطلاق العمليات الفدائية فتم تأسيس منظمات وخلايا سرية ميزت عمل

المقاومة آنذاك وعلى رأسهم مقاومة مدينة وادي زم .

كان يوم السبت 20 غشت 1955 حين توجهت جماهير كبيرة من قبيلة السماعلة بني خيران وبني سمير إلى مدينة وادي زم ، ما بين راجلين وفرسان ، نساء ورجال ، أطفال وشيوخ قصد الإعراب لرجال

السلطات الاستعمارية عن ولاء  هذه القبائل بمختلف طبقاتها لملك المغرب الشرعي بواسطة مظاهرة يطالبون بها عودة الملك محمد الخامس والأسرة الملكية الشريفة من المنفي الى ارض إلى الوطن والاستقلال

الشامل للبلاد.

تم محاصرة المدينة من طرف الثوار ، جميع مداخل ومخارج المدينة أقفلت وخطوط الهاتف ووسائل الاتصال قطعت . وانطلقت المواجهات بين الثوار والقوات الفرنسية على نطاق واسع وتم استعمال جميع

الأسلحة المتاحة النارية والبيضاء .الثوار احرقوا المطاحن المعروفة بمطاحن ليندا وقاموا بتطويق مقر القيادة المحلية واجتاحوا مستشفى المدينة وتم قتل عددكبيرمن الفرنسيين هناك.

  

 القوات الفرنسية من جانبها استعملت كل الوسائل لقتل وتعذيب ثوار وساكنة وادي زم فسقط بذلك العديد من الشهداء والضحايا .

 

باسم الله الرحمان الرحيم “ولا تحسبن الذين قوتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله” صدق الله العظيم

 

لقبت مدينة وادي زم بمدينة الشهداء لما قدمته من  أرواح شبابها ونسائها ورجالاتها وشيوخها في سبيل الاستقلال ، عمل تصدر عناوين العديد من الصحف الدولية والوطنية التي أشارت إلى المقاومة الشرسة

التي أبانت عليها القبائل الثلاث بني سمير السماعلة وبني خيران طيلة فترة الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال

 

 

  كما أن المخابرات الاسبانية صححت المعلومة المغلوطة لدى المخابرات الفرنسية ، إذ اعتبرت المخابرات الفرنسية أن ثورة الملك والشعب اشتعلت نيرانها بمدينة الدار البيضاء في حين أن المعارك الضاربة

كانت رحاها تدور بمدينة وادي زم الشهيدة.

خاتمة

أعطت هذه الثورة درسا للمستعمر الفرنسي فأصبح مقينا بأن مصيره قد تقرر ومؤمنا بأن المغاربة لا ترهبهم القوة وهذا ما أكدته مدن مغربية أخرى بمظاهرات مماثلة عجلت في عودة المستعمر إلى طاولة

المفاوضات.

فتوج النضال بانتصار إرادة الشعب المغربي بالعودة الميمونة لجلالة المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه والأسرة الملكية الشريفة إلى أرض الوطن حاملا معه مشعل الاستقلال.